محمد موسي يكتب : «بتوع» سوزان فى الإعلام




سوزان مبارك والكاتبة الكويتية فجر السعيد

«هذه السيدة تعرضت لظلم واضح وبين، وطلبت منها أبوس راسها، لأنى حسيت بجرح وكبرياء المرأة المقهورة فى أولادها وزوجها، وأنا أكره الظلم».
تقديم عاطفى يفتقد التصفيق الحاد، من كاتبة السيناريو فجر السعيد، لحكاية أول حديث صحفى للسيدة سوزان مبارك. حديث لم تنشره صحيفة، بل وصل فى هيئة تغريدات.
قالت إنها لم تسع لتوريث الحكم لنجلها جمال، «لأن الحياة التى عشتها مع زوجى ليست رائعة أبدا لأتمناها لابنى»، وأعلنت التحدى لمن يثبت تدخلها فى السياسة، أو اتصالها بأى من وزراء «الدفاع والداخلية والخارجية».
الإشارات «الإنسانية» فى الحوار ليست موضوعا للتعليق، أما الأكاذيب السياسية فهى أكثر مما يمكن الرد عليه، وأكتفى بقضيتى التوريث والفساد.
فى الأسبوع الأول من يونيو 2009، وقعت «أحداث دفعت للاعتقاد بأن الرئيس مبارك يفكر فى تنفيذ سيناريو نقل الرئاسة فعلا، وأنه سيقدم استقالته قبل إتمام ولايته، وسيترشح جمال مبارك للرئاسة»، كما كتب إبراهيم عيسى بصحيفة الدستور، يوم 10 يونيو.
الصحفى الكبير بنى استنتاجه على عدة إشارات، منها الإسراع فى «كوتة» المرأة، والكلام عن حل البرلمان، وعدم ممانعة أمريكا للتوريث، ثم حالة الموات المصرى بفعل «القمع الأمنى والحصار السياسى، وطموح جمال مبارك، وشبق رجال الأعمال المحيطين به من المرافقين والمنافقين، الذين يسعون لقضم ثروات مصر، وقد زاد النهم مع استسلام الفرائس».
كان هذا وصف مصر قبل شهور من انتفاضة أهلها ضد مبارك ونجله، وكل رموز حكمه: حالة من الموات.
«جمال مبارك موجود فى مكانه وفى مكانته لأنه ابن أبيه، ولو كان مواطنا بلا نسبه هذا أو صلة رحمه تلك، لكان الآن مديرا لفرع بنك أو رئيسا لبنك»، هكذا يضيف عيسى.
كانت العائلة تجهز ابنها رئيسا تاليا بوضوح يصل إلى حد الوقاحة، وتجمع المليارات التى لم يظهر منها رسميا سوى 407 ملايين فرنك سويسرى، أى ما يقرب من 3.4 مليار جنيه مصرى، فى بنوك سويسرا فقط.
مع هذا تندم السيدة لأنها لم تستمع بالحياة!.
فساد العائلة، وخاصة الوريث، يتجاوز خيال كاتبة السيناريو المتعاطفة مع دموع مهندسة التوريث، كما يتجاوز كل ما يعرفه مكتب النائب العام عن النشاط الاقتصادى المشبوه للعائلة.
مصر تدفع الآن ثمن الثلاثين عاما التى حكمتنا فيها العائلة المقدسة، جهل وتخلف وانهيار للتعليم والصحة. انقسام سياسى واجتماعى غير مسبوق، وإعلام موالس ومنافق، كما أشارت السيدة سوزان، فى النقطة الوحيدة «الأمينة» فى حوارها.
اتهمت السيدة أشخاصا «كانوا يسبحون بحمدنا ليل نهار، وبعد 25 يناير قالوا فينا ما لم يقله مالك فى الخمر».
نعم، كانوا ساعتها الناس «بتوعها»، لكنهم الآن يدورون فى فلك آخر. الآن تسميهم أطراف أخرى «الإعلاميين بتوعنا، العيال بتوع القناة دى، والبت بتاعتنا، والواد اسمه ايه..»، فهكذا يتحدث الكبار عن «بتوعهم» فى الإعلام فى زمن جمال وما بعده.
وإذا كان الله قد أخذ من سوزان من كانوا يسبحون بحمدها زمان، فقد عوضها بكاتبة سيناريو متحمسة.
تنهى السيدة حديثها بالشكوى من تشويه متعمد لسمعتها «أعلم من ورائه، وأقول له حسبنا الله ونعم الوكيل».
إذا كانت سوزان «تحسبن»، فماذا يقول المواطن الذى سرقته عائلة مبارك، وماذا يقول مشاهد الإعلاميين المتحولين، وهو يشاهدهم ليلاتى يواصلون النصب، الذى كان ذات يوم يرتكب باسم السيدة الفاضلة؟.
نحن أيضا نكره الظلم، لكننا نكره قبله الفساد والكذب وتزوير التاريخ.

Comments